مجال الخيال العلمي من المجالات المحببة في القصص سواءً كانت روائية أم أفلام سينمائية، وهناك فرق دقيق بين الخيال العلمي وعالم الفانتسي، فالخيال العلمي له حدود وقوانين ومنطق خلف الخيال، أما الفانتسي فهو العالم الذي لا يتقيد بقوانين العلم مما يعطي طابع خيالي أكبر، لذلك لكي نضبط الفرق بين المجالين علينا طرح السؤال: ما هي حدود الخيال العلمي في صناعة القصة؟ للإجابة على هذا السؤال: علينا معرفة القوانين التي ترسم الحدود بين الواقع والممكن والمستحيل، وإدراك تلك الحدود يمكنك من ابتكار قصة لا تنتمي للواقع فتأتي بما هو مدهش، وكذلك لا يقع في حيز المستحيل فينفر من قصتك من يدرك استحالة حدوث تلك الأحداث لمعرفته بالقوانين العلمية، هذه الموازنة هي منطقة الخيال العلمي، وسنناقش معًا ثلاثة أنواع من هذا الخيال:
- الفيزيائي
- البيولوجي
- التقني
الفيزيائي
وهو ما يتعلق بالقوانين الطبيعية كالعودة بالزمن والعبث بنسيج المكان، وغيرها من نظريات الفيزياء. لتتلاعب بالزمن عليك معرفة ماهيته، وأقرب من وصل إلى فهمه هو آينشتاين في نظرية النسبية العامة، والتي تقول: الزمن ليس خطا متصلًا، وإنما نسيج كقطعة قماش تقبل الطي والانبعاج، وهذه معلومتين تمكنك من نسج قصتك بناءً عليها:
- إذا وضع جسم في كوكب ضخم فهذا سيجعل حركة الزمن فيه أبطأ من كونه في كوكب أخف.
- إذا تحركت بسرعة عالية فالزمن يتباطئ، وإذا وصلت إلى سرعة الضوء فالزمن سيتوقف، وإذا تجاوزت سرعة الضوء فالزمن سيعود للخلف.
في فيلم Interstellar، ذكر أحد رواد الفضاء هذه العبارة: “علينا أن نسرع، فكل ساعة تمر هنا، يمر على الأرض سبع سنوات” وذلك بسبب تأثير الجاذبية العالي القادم من ثقب أسود قريب من ذلك الكوكب الذي هبطوا فيه، فأصبح الزمن يمر بشكل أبطأ مما هو عليه في الأرض (ما حدث في الفيلم ليس واقعيًا فمن المفترض تحت تأثير الجاذبية الهائلة أن تتحطم عظامهم للأسفل، لكن تم التغاضي عن ذلك)
“علينا أن نسرع، فكل ساعة تمر هنا، يمر على الأرض سبعة سنوات”
البيولوجي
ما يتعلق بالقوانين العضوية كالتعديل الجيني والطفرات الوراثية وغيرها من الخصائص البيولوجية. لكي تبتكر أنواع جديدة من الكائنات أو تعيد إحياء كائنات سابقة، عليك معرفة كيفية نشوء الكائنات من الأساس، ونظرية التطور مع فهم ماهي شيفرة الحمض النووي ستمكنك من الإبحار بخيالك في هذا الصدد، وإليك هذه المعلومات>:
- يحمل الحمض النووي كافة معلومات الكائن الحي، كذلك معلومات أسلافه القدامى من الأنواع الأخرى، لا شيء يتم حذفه من الشريط الوراثي، وكل المعلومات متراكمة تلغي بعضها البعض.
- إذا كان الحيوان من الثديات فينبغي أن يحمل أربعة أطراف (فكرة تنين ذو أيدي وأجنحة غير منطقية)، إذا أردت أن تجعل له أكثر من أربعة أطراف فعليك بجعله كائن ذو أصل حشري لا يملك عمودًا فقريًا.
في فيلم Jurassic World، قال أحد العلماء في المختبر: “سنعوض عن تلك الفراغات في شيفرة الديناصور الوراثية بشيفرة ضفدع” أي استخرجوا الشيفرة الوراثية للديناصور من بعوضة مجمدة عاصرت الديناصورات، وتحمل في داخلها بعضًا من دمائهم، ولكن لتقادم الزمن بعض أجزاء تلك الشيفرة كانت قد تلفت تم تعويضها بشيفرات حيوانات معاصرة فظهر الديناصور حاملًا بعض الصفات التي لا تنتمي له.
“سنعوض عن تلك الفراغات في شيفرة الديناصور الوراثية بشيفرة ضفدع”
التقني
ما يتعلق بالتطور الرقمي كتطوير ذكاء اصطناعي خارق وهيمنة الآلات، وغيرها مما ينتمي للمجال التقني. لتحويل الآلة الرقمية إلى ذكاء اصطناعي شبيه بالإنسان، عليك معرفة كيفية عمل الذهن البشري، فنحن نتحرك وفق غرائز تشبه البرامج المسبقة التي تدمج بين المعلومات المسبقة والمعلومات المكتسبة، كذلك يحدث في الذكاء الاصطناعي، وهذه أمثلة لما يمكنك فعله:
- من الممكن أن يتم برمجة الذكاء الاصطناعي على التعلم الذاتي فيقوم بإعادة برمجة نفسه تلقائيًا مع كل تجربة على طريقة الصح والخطأ حتى يجمعها كحصيلة معلومات كبيرة يستنتج منها ما عليه أن يفعله لاحقًا.
- هنا تكمن قدرة الذكاء الاصطناعي في الخروج عن السيطرة، عندما تتعاظم المعطيات إلى درجة لا نستطيع التنبؤ بالمخرجات، فيقوم بتنفيذ أمر نعتبره “جريمة” ولكن بالنسبة له هي مجرد خوارزمية خالية من أي مشاعر أو أخلاقيات.
في لعبة Apex Legends، تقول إحدى آلات الذكاء الاصطناعي المصممة للقتال التي تدعى Revenant: “ذلك الصوت الذي يخبرك أن هناك أمل، إنه يكذب عليك” شخصية Revenant في اللعبة هو آلة مصممة للقتل، مبرمجة على أنها تعتقد أنها إنسان، عندما تعرض للضرر فاختلت برمجته فأدرك أنه آلة وليس بإنسان، هنا تحطم نظامه البرمجي وكأنها أزمة وجودية، فأعاد برمجة نفسه لتكون وكأنها لحظة إدراك أنه قد تم خداعه من قِبل صانعه، فأصبح يبحث عن ذلك المبرمج ليقضي عليه.
“لقد تمت برمجتي على القتال، لا أستطيع تغيير خوارزمياتي”