Skip to main content

“قمة الإبداع تبقى أسفل الواقع”

تعبير يعكس التحدي الكبير الذي يواجهه الإبداع أو المبدع عندما يتصادم مع المتطلبات اليومية والمحدودية التي يفرضها الواقع.

في عالم مليء بالتحديات، تصبح الإبداعات العظيمة وكأنها محاصرة، لا تجد مكانًا لها في ضوء الضغوط الواقعية. هذا يعني أن الإبداع، رغم عظمته، قد لا يظهر أو يتألق بالشكل الذي يستحقه، لأنه يبقى في الظل، بعيدًا عن الأضواء التي يستحقها.

من المهم أن نفهم أن الإبداع لا يتجاهل الواقع أو يتنكر له، لكنه في كثير من الأحيان يُدفن تحت طبقات من الالتزامات والضغوط. الإبداع يتطلب مساحة من الحرية والتفكير، بينما الواقع غالبًا ما يتطلب استجابة سريعة وقرارات عملية. في هذا التوازن، قد يتم التضحية بالخيال والإبداع لمصلحة الحلول الفورية التي يقدمها الواقع.

لكن، إذا نظرنا بعمق، سنجد أن قمة الإبداع لا تختفي تمامًا. هي موجودة لكن غالبًا ما تكون خفية أو محجوزة في مكان بعيد عن الأنظار. الإبداع الذي يتطلب بيئة حرة ومرنة يعاني من القمع عندما لا نجد الوقت أو الظروف المناسبة له. ولهذا، نجد أن العديد من الأفكار العبقرية تُحجب أو لا تجد الفرصة لإظهار نفسها، وإن ظهرت! ستكون اما بمثابة فكرة من وحي الخيال، أو ستلقى إعجاباً كبيراً.

هنالك عدة أسباب يمكن أن تعيق ظهور الإبداع منها: البيئة الغير داعمة، الضغط الزمني، الاعتياد على روتين محدد، قلة التحفيز أو الدافع، القمع المجتمعي. غالباً ماتكون احدى هذه الاسباب هي ما وراء غياب الإبداع لدينا. 

لحل هذه المعضلة، يجب أن نتعلم كيف نخلق توازنًا بين الواقع والإبداع. من خلال تخصيص وقت للإبداع وإيجاد طرق لإدخال أفكار جديدة إلى سياقات الحياة اليومية، وللمبدعين الذين يواجهون صعوبة في إقناع مجتمعاتهم بأفكارهم الإبداعية، إليكم نقاطًا مهمّة قد تُعينكم على تجاوز العقبات وترسيخ أفكاركم:

  1. ابدأ بشيء صغير وواضح
    لا تقدّم الفكرة دفعة واحدة، بل ابدأ بجزء بسيط منها يستطيع الناس أن يلمسوا أثره بوضوح. فالنجاح الصغير قادر على كسر جدار الشك.
  2. اربط فكرتك باحتياجاتهم
    بيّن لهم كيف أن فكرتك تساهم في حل مشكلة، أو تُحسِّن جانبًا من جوانب حياتهم. فكلّما ارتبطت الفكرة بحاجاتهم، ازداد تقبّلهم لها.
  3. احكِ قصتك
    الناس يتأثّرون بالقصص أكثر من الشرح النظري. احكِ لهم كيف وُلِدت فكرتك، وما الذي دفعك إليها، وماذا تطمح أن تصل إليه من خلالها.
  4. تحمّل الرفض… مؤقتًا
    من الطبيعي أن تواجه الفكرة الجديدة بعض المقاومة. تحلَّ بالصبر، ولا تستعجل التقبّل. فالرفض الأول لا يعني الفشل، بل قد يكون هو الخطوة الأولى نحو الاقتناع.
  5. كوّن دائرة دعم
    حتى لو كانت صغيرة، فإن وجود أشخاص يؤمنون بفكرتك يمنحك طاقة، ويساعدك في إيصالها للآخرين. ابحث عن أصحاب العقول المنفتحة والذين يتشاركون معك نفس الاهتمام والأفكار.
  6. كن مرنًا، ولكن لا تتنازل عن جوهر فكرتك
    تقبّل الملاحظات وطور فكرتك إذا احتاجت إلى ذلك، ولكن لا تغيّر جوهرها فقط لإرضاء الجميع، وابحث عن طريقة أخرى لإقناعهم.
  7. أثبت بالأفعال، لا بالكلام فقط
    نفِّذ نموذجًا، أو تجربة، أو مثالًا حيًّا. فكثير من الناس لا يقتنعون بالكلام، ولكن إذا رأوا الفكرة مطبَّقة فعليًا، بدأوا بتصديقها.
  8. استخدم لغة قريبة من المجتمع
    لا تقدّم فكرتك بلغة معقّدة أو مثالية أكثر من اللازم. استخدم كلماتهم، أمثلتهم، وواقعهم؛ لتكون أقرب إليهم.
  9. آمن بنفسك قبل أن تطلب من الآخرين أن يؤمنوا بك
    الناس يلتقطون طاقة الشخص من حضوره. فإذا شعروا بأنك تشكّ في نفسك، فلن يصدقوا بك. ثقتك بنفسك هي الخطوة الأولى.

ولا ننسى بأن الشخص الواقعي تواجده مع الأشخاص المبدعين مهم جداً، حيث سيكون بمثابة الخط العريض الذي لايمكن أن تتجاوزه الأفكار الخيالية المبالغ بها من قِبل المبدعين، سيكون منارة المنطق عند حضور الأفكار الإبداعية والخيالية التي ربما قد تأتي بتجاوزات غير منطقية. ولكن كذلك يجب عليه أن يعطي مساحة حرة للمبدعين للغوص بأفكارهم وثم يتم تصفيتها بالمنطق للوصول لأفكار إبداعية منطقية الفعل.

في الختام، قد تبقى قمة الإبداع أحيانًا أسفل الواقع، إلا أنها تظل موجودة كامنة في الداخل، تنتظر فقط اللحظة المناسبة لتظهر وتلهم.

—-

للإشتراك في القائمة البريدية: